كتب نشأت الحلبي عن مكافحة الفساد أتحدث

على طول أيام الأسبوع الماضي، كنت أتابع باهتمامٍ شديد الأخبار المتواترة عن صدور أحكام في قضايا فساد مهمة وصلت في بعضها حد السجن والغرامة وكف اليد عن “السلطة”.

القضايا تلك طالت رؤساء وأعضاء في مجالس بلدية، وبعضها طال موظفين في وزارات، وأخرى في دوائر حكومية، وكانت تصب في معظمها في استثمار الوظيفة والتكسب عبر استغلال المنصب، ولربما وصل بعضها حد الابتزاز.

أعلَمُ تماماً أنك مهما تحدثت عن مكافحة الفساد في الأردن، فإن هذا لن يرضي الكثيرين من الناس ذلك أن هناك قناعات راسخة بأن حجم الفساد كبير، وأن القضايا حين تُطرح، يجب أن تطال “رؤوس كبيرة”، ولعل هذا أصبح من الشعبيات المتناقلة بين الناس، فالقناعة أيضاً بأن ما يطال الأردن من ضنك اقتصادي سببه الأول هو الفساد، بل أن هناك من ينظر الى هيئة مكافحة الفساد التي تُعنى بمكافحة الفساد، وكأنها “بئر البترول” الذي يجب أن يُعيد كل أموال الأردنيين التي نهبها الفاسدون، وهذا الكلام قلته مرة في بيت “الهيئة” حين لقاءٍ جمع عدداً من الصحفيين مع رئيس الهيئة الباشا الدكتور مهند حجازي، والذي شرح لنا بالتفصيل حينها عن حجم الأموال التي تم استردادها وعن أهم القضايا التي وقفت عليها الهيئة وحولتها الى المحاكم المختصة.

القضايا التي تم تحويلها الى المحاكم خلال الفترة الزمنية القصيرة الماضية، وغيرها مما تحقق به الهيئة، وإطلاع الرأي العام أولاً بأول على كل الحثيثيات والتفاصيل، ونشر الأخبار بكل شفافية، من شأنه أن يشد من عضد اقتصاد البلد، ذلك أن هذا يبعث الأمل في النفوس أولا بأن الأردن يتعافى من الفاسدين، كما أنه يعزز الثقة بسيادة القانون، وهذا بالتالي يبعث بالطمأنينة بأن أجواء الاستثمار في بلادنا محمية بقوة القانون مما يشجع رأس المال على القدوم الى الأردن وضخ الأموال في مشاريع حيوية ستعمل ولا شك على محاربة البطالة التي باتت تنهش بأعدادٍ كبيرة من الشباب خصوصا بعد جائحة كورونا وتبعاتها المدمرة على أعتى اقتصاديات العالم، فما بالنا في بلد مثل الأردن؟!

لربما هناك من سيشكك، وهناك من سيقول : ليحضروا الحيتان إذن ومنهم أسماء تتداول بين الشعب..

نعم، هذا حق الناس، وهنا لا بد وأن نشد على أيدي رجال هيئة مكافحة الفساد، وأن نطالب بكل الحماية لهم حتى يقوموا بالمهمة الأصعب في محاربة الفساد والفاسدين، فهم كما الجنود المجهولين ومن يقومون بعملهم بصمت شديد الى حين أن تظهر الحقائق الى الناس، فطالما كانت هذه الهيئة بخير، فإن البلد ستكون بخير، وإذا ما سلمنا كلنا واعترفنا بقوة الفاسدين، فلنا أن نتخيل إذن حجم وقسوة وشراسة معركة هؤلاء الرجال والجنود، مع الفساد.

كما كل الشعب الأردني، فإنني أنتظر أن أسمع بأن كل فاسد طاله القانون مهما كَبُر حجمه وعلا شأنه، فليس هناك من هو أكبر وأعلى شأناً من الأردن، والشعب.


كيف تقيم محتوى الصفحة؟